Menu

أبكيتنا يا علي..  (التغريبة).. ضمير عربي!!

المخرج الراحل حاتم علي

بقلم: حسين الذكر

(حاتم علي) ها قد حط موكبك .. نعش بنعش .. من الجولان .. فمخيم اليرموك وحضن دمشق .. فالقاهرة ودبي وبغداد وبيروت والدوحة وطنجة ثم عدن .. وقبلها مكة والفرات وقرطاج .. والبحرين والجزائر  و السودان ... والأردن .. والكويت .. وعمان .. وقلبي وقلمي .. كل الملفات .. في تصاويرك تغاريد عنك تسأل ..
لم تنته الحكاية (يا علي) .. ففلسطين ما زالت طفلة حالمة بحض أمها .. وأحضان الأمهات .. قدس تحميه عبابيد السلام .. المتقدة من طيور أبابيل .. حتى أحجية بابل .. المذبوحة في منلوجية ( الميزوباتاميا ) .. 
(يا علي) .. 
لم أرثك فنان .. فدموع التغريبية توجع في نخبوية حرفك وابداعية نصك .. ووجعية أحشائك .. وحاشاك أن تكن فنان (دولار) في زمن صنعت فيه للفن اعتبار ... بعد أن سقط الكثير منه تحت يافطة الظلام وفي أقبية السمسار منذ المغول وهجمة التتار ..
لم تكن التغريبة.. حكاية خرافية أو من طغيانية ملوك الف علة وعلة .. إنها قضية (يا علي) .. 
انها وليمة حزن ..
بل .. نشيد أمل ..
ربما نبش قبر ..
دم القتيل حي لم يزل ..
فلسطين في الضمير  ..
قمرا منير .. 
كل القضايا فيه تختزل ..

يا علي .. فجائعية الموت ليست جديدة في عام كبيس وملفات أكبس .. كما أن دبلوماسية الجنائز ليست وليدة أقبية السر العولمي ولا جلجة شبكة عنكبوت غبي .. إنها موصولة بحبل الزمكان وأحجية إنسان يستهلك وقته كيفية قتل أخيه الانسان .. فقابيل لم يعلن توبته .. ودم هابيل .. صوت مفزع بكل لحظات ملحمة الخلق .. 
لقد كنا وما زلنا نحن العرب .. إذ أنك عربي قح (يا علي) لم تحدك جنسية ولم يلمك قماط ومهد .. فعلى طول التاريخ بمطباته وأناته فضلا عن هناته وعلاته .. يستثمر الحزن فيه لدوام نعوشنا العربية ..
لم أنعاك ( ممثلا أو قاصا أو فنانا أو مخرجا ... مع كل إبداعك .. ) .. فانك أسمى يا علي .. فحاتميتك الطائية وعي ... ورسالتك العربية تحمي الحمائم النائمة من شرائك الاستسلام .. لعلها يوما تغزو الفضاء وتصنع لنا ولهم سلام .. (يا علي).
أماتَ أَبوك 
ضَلالٌ أنا 
لا يموتُ أبي 
ففي البيت منه 
روائحُ ربٍّ وذكرى نَبي
( أيقونة دراما القضية ) ..  
هكذا وصف مسلسلك .. التغريبة الفلسطينية .. ف القدس .. لم تكن يوما ملك لزعامة أو حزب أو طاولة حوار .. ( إنها رسالة الروح عيسى وقبله المعجزة موسى .. ولم تختم بالخاتم الأمين محمد .. ) .. 
إنها وعي وحق لا ينسى وصراخ ضيم لا ينام .. وإن خدرت الأمة .. بألوان التسكعات والأجندات والمخدرات .. ثمة ضمير أبدا نابض ( يا علي ) .. سمعنا بيوم مولدك صوت زغرودة مختنق على ضوء خافت وحس جامد تحت حبال مخيم اليرموك .. وها هو ركاب نعشك يتقدم مواكب النعوش .. كقرص سماء يتفتق به الأفق .. سمعناه واستوعبناه .. من الألف حتى الياء ..
ثمة سؤال يوقظ الضمير النخبوي كاستيقاظنا على ربيع عربي .. أو رحيل فاجع .. كحاتم علي .. لِمَ تغيب نجومنا ولا نتذكرها إلا محمولين على الأكتاف .. أو مولولين بمواويل لها وقع .. دون أن نعرف أزله ولا أمده ولا أبده ..
وداعا .. أمير المخرجين .. واعلم بيقين .. لم تكن أعمالك تحركنا ولا مشاهد نعشك تبكينا (يا علي) .. ثمة قضية أكبر .. ووجدان أنت فيه أعرف يا ابن اليرموك .. والجولان .. ويافا .. وعكا .. والخليل .. وحيفا .. 
وقبل ذاك القدس .. وكل عمقنا وارثنا وانتمائنا المقدس .. 
شرفتنا بموسوعيتك .. وسفر حياتك ..
مثواك بإذن الله .. سيكون لنا وللتاريخ أشرف ..!!